عابر سبيل
حدثني خيال بين طيف بين جميل عن واقعة حدثت له مع عابر سبيل ..
فابتدأ حديثه بالصلاة والسلام على نبيه وقال بينما كنت جالسا اقرأ ما كتبت وأجمل ما رويت إذ بطرقات على الباب قوية وزمجرة من خلفه كأنها أسديه خلع منها قلبي وانتفضت لها طرائفي , فهرولت إلى الباب لأفتحه وأرى صاحب ما أسمعه . . فإذا بعباءة يتلألأ منها الزبرجد والياقوت والمرجان كأن صاحبها شاهبندر التجار وخيل لي انه أبن السلطان !
فهلا ورحب ودخل من غير استئذان كأني الضيف وهو صاحب البيت ! فاستغربت مما سمعت ودهشت مما رأيت , فجلس على الأريكة وسط الدار وبدأ يحدثني عن مغامراته في المحيطات والبحار وعن ما كسبه من اللؤلؤ والمحار , وعن قوافله الكثيرة وأملاكه الوفيرة ومدنه وعروشه وتيجان رؤوسه التي صنعت له في بلاد الهند وتجارته في بلاد السند , وأخبرني إنه أعجب بتصميم داري وقرر أن يكون أحد زواري !
فأعجبني ما دار وأدهشني هذا الذي صار فأسرعت بتقديم ألذ المشروبات وأشهى الفواكه والخضروات . .
وبعد التعرف عليه أحببت التودد إليه فوهبته من الدنانير ألفا ومن اللؤلؤ عقدا ! فأخذ الهدايا شاكرا ووعدني بأنه لن يكون لصنيعي هذا ناسيا , وطلب مني زيارته وألح علي بمراجعته , وبعد أن أعطاني عنوانه وأسماء أهله وإخوانه ودعني بحرارة والحزن على وجهه بانت أثارة , فخرجت معه أودعه إلى خارج الدار وأنا أفكر بالذي جرى وصار , والهدايا التي مني راحت وبين يدي ضيفي طاحت , ولما أوشك على الخروج من البلاد تم إيقافه من قبل اثنين من العباد أحدهما أخذ منه العباءة والثاني انتزع من فوق رأسه تاجه , وبدا بثوب ممزق كأن هذا فقط ما رزق , فتبادر الخوف إلى نفسي المسكينة , واختفى عن ناظري خارج المدينة , فعرجت إلى الرجلين وعيني حزينة , فسألتهما عما صار فقالوا إنه أخذ منهما العباءة والتاج بالإيجار ! ! فسألتهما عن ماهيته فقالوا عابر سبيل والتمثيل صنعته ! ! ! فهطلت دموع عيني بغزارة وطار عقلي والجنون بدا فيني مشواره …
فقلت له ليس بالسهل هذا الذي حدث يا خيال بن طيف فلقد خدعك هذا الضيف , وتلقيت منه أقوى صفعه فلتكن لك هذه عبرة مليئة بالندم والحسرة وتذكر دائما مستيقظا ونائما أن المظاهر كذابة حتى لو كانت جذابة …..
التصنيفات