استيقظ شعبان وسأل كثيرا عن جحشه ولم يجد من يدله عليه. وعاد إلى منزله وقال لزوجته: سندعو كل أصدقائنا وجيراننا إلى وليمة حافلة. حاولت الزوجة أن تعترض، لكن زوجها أصر على تنفيذ اقتراحه، وهو واثق أنه سيقدم لهم طعاما لم يأكلوا مثله في حياتهم.
وقبل حضور المدعوين، وضع شعبان المطحنة في وسط الدار وأدارها. وكانت صدمته كبيرة عندما لم تقدم المطحنة أي شيء. وأدرك أن هناك من استبدل هذه المطحنة بمطحنته العجيبة عندما كان نائما في الفندق.
بدأ الجيران والأصدقاء يتوافدون إلى المنزل وشعبان يحس بالحرج والخجل. لذلك أسرع يستعمل جريدة النخل، وضرب بها الأرض يمينا وشمالا ليذهب إلى ابنته فيروز. وحكى لها قصته فقالت له: أعتقد أن صاحب الفندق يعرف مكان الجحش العجيب والمطحنة السحرية، لذلك إذهب إلى زوجي الأمير وقل له: زوجتك فيروز ترجو منك أن تعطيني العصا المطيعة.
قال شعبان: وبماذا تفيدني العصا التي تقولين عنها؟
قالت فيروز: لن تخسر شيئا إذا أخذت تلك العصا.
استجاب الزوج فورا لطلب الأب، وأعطاه العصا داخل صندوق جميل من الخشب الثمين الأسود اللامع.
عاد الأب إلى ابنته فيروز، وفتح الصندوق وتأمل العصا، ثم قال لإبنته: لست في حاجة إلى هذه العصا، فهي لا تختلف عن غيرها، والصندوق يصلح لأن أضع فيه شيئا أثمن من العصا.
قالت فيروز: لماذا تحكم على الأشياء من ناحية الشكل يا أبي؟ هذه عصا تطيع صاحبها، فإذا ظلمك شخص أو أصبح قاسيا عليك فانظر إلى الصندوق وقل للعصا: أخرجي من فراشك، فإنها سرعان ما تقفز من الصندوق وتتجه نحو الظالم، وتنهال عليه ضربا، ولن تكف عن الضرب إلا إذا صحت بها قائلا: عودي إلى نومك يا عصا، فإنها تكف عن الضرب وترجع إلى الصندوق.
شكر شعبان ابنته على هديتها المفيدة، وقفل الصندوق وانطلق فورا إلى الفندق الذي فقد فيه الجحش والمطحنة السحرية.
ما إن وصل شعبان حتى قال صاحب الفندق لنفسه: سأدعوه أنا إلى العشاء الليلة لأعرف ماذا يحمل هذه المرة، فقد تكون معه أداة سحرية جديدة.
قص شعبان على صاحب الفندق قصصا كثيرة أثناء العشاء ثم قال له: هل تعلم أن هناك جحشا ينهق ذهبا، ومطحنة تقدم طعاما عندما تديرها؟ لقد سمعت عن هذه الأشياء، وهي أشياء مدهشة حقا، لكنها لا تساوي قيمة ما أحمله في هذا الصندوق.. إن في هذا الصندوق شيئا لا يعادله شيء في قيمته وفائدته.
وعندما سمع صاحب الفندق حديث شعبان فكر في ما يوجد في الصندوق. وقال لا بد أن أحصل على هذا الصندوق بأية وسيلة.
نام شعبان تلك الليلة في الفندق، ووضع الصندوق تحت رأسه وأغمض عينيه وتظاهر بالنوم العميق. وبعد فترة تسلل صاحب الفندق إلى الغرفة، ثم اقترب من الفراش وأمسك بالصندوق ليأخذه. لكن شعبان لم يكن نائما، بل كان ينتظر مجيء السارق، وما إن وضع الرجل يده على الصندوق حتى قفز شعبان صائحا: «أخرجي يا عصا من فراشك»..وفي الحال انطلقت العصا المطيعة من الصندوق وانهالت على صاحب الفندق ضربا على رأسه وظهره وذراعيه ويديه. فخرج من الغرفة يصرخ مستغيثا. لكن العصا كانت تتعقبه حيثما ذهب وتضربه بغير شفقة ولا رحمة، وشعبان يتبعهما ويراقب ما يحدث..رجا صاحب الفندق شعبان أن تكف العصا عن ضربه، وكاد يموت من الألم، فقال شعبان: أعطني الجحش الذي يتساقط الذهب من فمه، والمطحنة التي تقدم الطعام، وإلا فلن تكف العصا عن ضربك.ازدادت آلام الرجل، وكلما حاول شخص أن يبعد العصا عنه نالته من العصا ضربة قوية تبعده. وأخيرا اضطر صاحب الفندق إلى أن يقول لشعبان، وقد استلقى على الأرض مستسلما بعد أن أصبحت آلامه لا تطاق: سأرد لك كل شيء. دع العصا تكف عن ضربي..لكن شعبان لم يأمر العصا بالكف عن ضربه إلا بعد أن استعاد المطحنة والجحش..في اليوم التالي، عاد شعبان إلى زوجته ودعا جيرانه وأصدقاءه إلى داره، وقدم لهم طعاما شهيا لم يسبق أن أكلوا مثله. ثم أخذ الجحش إلى غرفة بعيدة في الدار، ووضع صندوقا تحت فمه وقال له: أسمعنا صوتك الجميل. فأخذ الجحش ينهق، وقطع الذهب تتدفق من فمه. فأخذها شعبان وأعطى كل واحد من الحاضرين كمية كبيرة من قطع الذهب، فانصرفوا شاكرين مهللين فرحا وهم يقولون: لا شك أن شعبان قد عثر على كنز كبير في الجبل أثناء بحثه عن الملح. إنه حقا رجل طيب، يحب أن يشاركه الآخرون في ما أعطاه الله. بارك الله فيه وأسعده كما أسعدنا!!
التصنيفات