العناية الالهية والإمداد الغيبي هو كل مالدينا)
كلما مضى الزمان ومنذ اللحظات الاولى لولادة المقاومة الاسلامية في لبنان تزداد هذه القناعة رسوخا في ضمير العاملين في حقل المقاومة وفي إحساس المحيطين بهم والمتابعين لأنشطتهم ..
وقد تداخلت هذه الفكرة مع كل ماله علاقة بالمقاومة حتى اصبحت جزءا لا يتجزأ من فكرها وخطها واستراتيجيتها واصبحت خزانا لا ينضب يأتي منه الحل دائما لكل مشكلة والفرج عند كل مأزق وحتى غذت المبنى الذي على أساسه يصبح مقاوما من يريد انضمام إلى القافلة ..
كان دور مجموعة الصواريخ في مسلسل العمليات الكبرى محدودا ضمن مهمة الرمي على موقع (…..) وإشغاله عن التأثير في مخطط الهجوم الحقيقي على مواقع أخرى يراد تحريرها وإيهام العدو في اللحظات الأولى للهجوم الرئيسي إنما هو على هذا الموقع .. ولذلك لم يكن تحقيق إصابة تامة في الموقع مطلوبا بالدرجة الأولى والأساسية ، ورغم ذلك فقد حاولت المجموعة جهدها تحقيق هذه الأصابة ، فالقصف قصف، والمعركة قد أستعلت والراجمة أخذت تعمل والقذائف تنزل على رؤوس المعتدين فلماذا لا نبذل جهدنا في تحقيق إصابة تامة !!.
وقد كان صوت الموجه واضحا على الجهاز اللاسلكي وهو يقرب ويبعد مرابقا سقوط القذائف فقد كان قريبا من موقع العدو بينما كانت مجموعة الرمي مع راجماتها بعيدة ، بينها وبين الموقع جبل عال يمنعها من الرؤية المباشرة للهدف ..

وبعد كل رمية كان آمر المجموعة يصغي إلى الجهاز ، ثم يقوم بتعديل وجهة الراجمة تنهال على الموقع أكثر فأكثر من قلبه .. وهنا أرتفع صوت الموجه على الجهاز :
_ يا ألله ..، آخر رشقة ، عدل وضعك ، خمسون مترا إلى الأمام إلتفت آمر المجموعة إلى الرماة ، وسرعان ما أكتشف أن الصواريخ قد نفذت ، وبما أن مستودعهم كان بعيدا عنهم مسافة لا تقل عن مئة متر والطريق وعرة وصاعدة ، فأن إحضار هذه الكمية الأخيرة كان يتطلب مع أقصى سرعة للشباب ربع ساعة على الأقل …
فوجىء آمر المجموعة، فلم يكن يقدر أنه سيحتاج لتحقيق الاصابة إلى أكثر مما رماه من صواريخ وقطع عليه الموجه حبل تفكيره :
_ ماذا تنتظرون رشقة واحدة ، خمسون مترا إلى الإمام … هل تسمعني؟!
_ صحيح ، اسمعك .. انتظر ..
وألتفت إلى الشباب :
_ لا يوجد فرصة أخرى ، بسرعة إلى المستودع ..
وهبطوا جميعا يقفزون من صخرة إلى صخرة ، والآمر معهم كي يعمل أكبر عدد ممكن من الصواريخ ..
وبعد لحظات علا صوت الموجه ثانية :
_ لا إله إلا الله ..، ماذا تنتظرون يا أخي ، هل تسمعني ؟!
خمسون مترا إلى الأمام …
لم يبالي بالرد عليه فلا فائدة في الكلام الآن ، والمطلوب أحضار كمية من الصواريخ بأقصى سرعة وبدون تعطيل ..
ما أن دخلوا المستودع .. حتى أرتفع صوت الموجه .:
_ الله أكبر ، الله أكبر !!.. جاءت في قلبه أرسل أخرى ..
دهش الآمر ، وألتفت عيناه بعيون الشباب الذين كانوا يصغون أيضا غلى الجهاز ..
_ ماذا يقول ؟!
وبهدوء خاطبه الآمر على الجهاز
_ ما هي التي جاءت في قلبه ؟! نحن لم نرم بعد !
_ الآن وقت المزاح ؟! ( الله يسلم دياتك) ، أرسل أخرى يا أخي لقد وقعت الصواريخ في قلب الموقع ..
كانوا بعد قليل ، وعلى أكتافهم الطاهرة يحملون الصواريخ صاعدين إلى الراجمة ، لأرسال أخرى .. وهم يرددون ضاحكين .
_ إن الملائكة تقصفهم معنا ..!
(لقد سجلت هذه القصة وتركت تسجيل الكثير من أمثالها وشبيهاتها ممايحصل كثيرا وفي كثير من أعمال امقاومة ونشكاطاتها .. مكتفيا بها لإشارة إلى ان مبنى العيانة الإلهية والإمداد الغيبي للمقاومة ليس نظرية ونهجا فقط بل هو أمر محسوس يرى بالعين المجردة ويسمع ويحس ولا ريب فيه عندهم أبدا)

منقووووووووول