أيضا اليوم كنت أتلوى في اضطراب .. والدتي ووالدي , إخواني , أقاربي كلهم ينظرون إليبنظراتهم المجنونة , لأنني لا أريد الزواج . بالأمس ذهبوا بي إلى طبيب نفسي وجعلوه
يفحصني مليا . قال لهم هذا المسكين : "ابنتكم أعصابها متعبة يلزمها تغيير جو" رغم أني
بصحة جيدة وعقلي في رأسي .. كل ماهنالك أنني لاأريد زوجا ..وكل من سألني لماذا ؟؟؟؟؟
أجيبه بعناد : لا لشي!
لو ذكرت لهم السبب سيضحكون ويحكمون علي بالجنون .. لقد ادركت حقيقة الرجل المسمى
(زوج) ولا أظن فتاة او امرأة في العالم قد فهمت هذا الظالم مثلي قط .. لقد فحصته جيدا
وأحسست بكل معنى في روحه .. إن موقع بيتنا النائي شكل لي محيطا مناسبا لأتوصل لاكتشاف
ذلك . عائلتنا منطوية على نفسها ولا أحد يزورنا.. نحي حياة أشبه بحياة المنتجع ..أقضي كل
أوقاتي في القراءة وتصفح (النت) أو استمع إلى مناقشات أشقائي الفارغة ..
وفي أوقات المطالعة أكون في الحديقة التي نربي فيها الدجاج .. آه لتلك الدجاجات مخلوقات
محبوبة مشغولة بنفسها طيبة القلب بريئة .. وعلى سمو هذه الدجاجات وأخلاقها الرفيعة فقد
سلط الله على المسكينات بلاء مخيفا .. ووحشا كاسرا .. إنه الديك ملك الحضيرة المغرور..
إنه دكتاتوري مستبد لايجد لذة في شيء سوى الظلم ..لايعرف معنى الواجب ولا التضحية..
ولا يعلم ماالمحبة ولاماهي الشفقة ولا الرحمة.. أناني عجيب .ثرثار مشغول بزينته ومطعمه
ومزاجه العصبي . وبذاته فقط .. كنت أتأمله وأنا ارمي الحب للدجاجات فأراه يجري في
المقدمة دون أن يخطر بباله أن ينادي بقية الدجاج . يبدأ في ابتلاع الحبات وكل من تقترب منه
يجرحها بمنقاره الخنجري . في الصباح يقوم يصيح طويلا "استيقظوا أفيقوا , هيا لخدمتي!!
وحتى صغار الدجاج لاتسلم منه .. إذا سمعها تشدو جرى نحوها ووضعها تحت رجليه وأنشب
فيها مخالبه ثم يتركهأ تسبح في بحيرة الدم.. وبقدر ماهو ظالم فهو جبان ..إذا مرت حدأة أو
حمامة في أعلى السماء يصيح من الخوف ..ويرفرف بجناحيه ويبقى في ذهول..!!
وفي الوقت الذي بقيت فيه الدجاجات منتوفة الريش قذرة , كان الديك نظيفا منتعشا وسعيدا,
يظلم الجميع , وتظل السعادة والصفاء له لوحده.. أخذ غيظي وحنقي يكبران حتى طغيا على
كل روحي .. وتطور الأمر معي شيئا فشيئا لدرجة أنني بدأت أشبه والدي – الذي يثور لأتفه
الأسباب – بهذا الديك .إنه يحمل في طبعه شيئا من ممارسات الديك ..نظراته الحادة المستديرة
.. شماغه الأحمر الكبير غير منتظم الشكل على رأسه كأنه عرف .. إذا غضب جعل البيت يرتعد
وكما أنني شبهت والدي بالديك فإن منزلنا الذي بني على شكل قصر أوربي يشبه الحضيرة .!
..غرفة والدي ذات الشرفة في الطابق العلوي تبدو وكأنها الغصن الذي تنام عليه الطيور وتبني
أعشاشها , ونحن في البيت بمثابة سرب من الدجاج لانساوي في نظره شيئا يضرب الخدم
ويتدخل في أمور المطبخ ..يؤنب اخواني ولايعطي والدتي أي فرصة للتصرف ..لايوجد أحد
سواه لإنه ديك الحضيرة .. وإذا شكوت لأمي من أحوال والدي هذه تقول المسكينة: يا ابنتي
كل الرجال هكذا على هذا الحال فأتعجب كلهم هكذا خشنون ..!!
ولإننا عائلة غنية فإن الخاطبات لايتعبن ولا يصيبهن الملل من المجيء والتردد على قصرنا
البعيد ..وأنا طبعا لا أخرج إلى أية واحدة منهن لتراني فهن يعجبن بالفتاة على السمع لذا فهن
يلححن في طلبي بإصرار .. وتحاول أمي تزويجي ..ولكني أقول: لاأريد الزواج.. فتسألني
لماذا لاتريدين الزواج؟ – لا لشيء..
وهذا هو الجواب الذي يتلقونه مني دائما أما أنا حقيقة أعلم "لماذا لاأريد الزواج"
وتقول والدتي : لايصح أن تفسدي نظام الدنيا , لابد لكل امرأة من رجل ..
إن كان هذا حقا , أليس ظلم والدي كافيا؟.. إذا مات ..,كم من ديك صغير في منزلنا لا يمكنه
أن يشدو ويصيح خوفا من (الكبير) فما المعنى للذهاب إلى القفص الذهبي والتعرض لمنقار
ديك غريب ..أقصد رجل غريب..!!!
التوقيع :
التصنيفات