السلام عليكم اخواني واخواتي في الله
قصة من حياة امرأة صالحة هي واقعية نقلتها لكم
حدثني أحد إخوانها بخبرها لقد ماتت رحمة الله عليها ، قبل مدة ليست بالطويلة ، فهي مدرسة في الأخلاق العالية ، يحبها الصغير والكبير ، كما قال عنها أهلها وزوجها ، في المناسبات يجتمع عليها الصغار والكبار ، تتصل على القريب والبعيد وتسأل عن الأحوال ولا تترك الهدايا للأقارب ، هي امرأة زاهدة ، ثيابها قليلة ورثة ، أصيبت هذه المرأة بمرض السرطان ، نسأل الله عز وجل أن يجعلها في الفردوس الأعلى ، من صبرها وثباتها بقيت سنة ونصف لم تخبر أحدا إلا زوجها ، وأخذت عليه العهد والميثاق والأيمان المغلظة ألا يخبر أحدا ، ومن صبرها وثباتها رحمة الله عليها أنها لا تظهر لأحد شيئا من التعب والمرض ، فلم يعلم بها حتى أولادها وابنتها الكبيرة التي تخرج معها إذا خرجت ، إذا جاءها أحد محارمها أو أحد إخوانها أو ضيوفها من النساء ، فإنها تستعد وتلبس الملابس وتظهر بأنها طبيعية …وكان أحد إخوانها أحس بأنها مريضة وفيها شيء ، فقد انتفخ بطنها وظهرت عليها علامات المرض ولما ألحوا عليها إلحاحا عظيما ، أخبرتهم بشرط أن لا تذهب إلى المستشفى ، تريد الاكتفاء بالقرآن والعسل وماء زمزم ، ولما ألحوا عليها وأخبروها بأن هذا الأمر والعلاج والدواء لا ينافي التوكل ، وافقت وشرطت أن تذهب إلى مكة المكرمة للعمرة قبل أن تذهب للمستشفى ، ثم ذهبت في الصيف الماضي مع أهلها وبقيت قرابة الأسبوعين ، ولما رجعت من العمرة وذهبت إلى الطبيب ، شرطت ألا يدخل عليها أحد سوى الطبيب وزوجها ، وكانت متحجبة ومغطية لوجهها ولابسة القفازين ، ولم تكشف إلا موضع الألم المحدد في جزء من البطن حتى لا يرى شيئا آخر منها ، فرأى هذا الطبيب وتعجب واستغرب من وضعها ومن صبرها ، فرأى أن الماء السام بسبب الورم في بطنها وصل إلى ثلاثة عشر لترا ، وكان من بغضها للمستشفى تقول لأحد إخوانها وفقه الله ، وهو الذي اهتم بها ويراعيها في آخر وقتها تقول له : إني أبغض الشارع الذي فيه المستشفى …
لأنها لا تريد الذهاب إلى الرجال ولا الخروج من البيت ، تحسنت أحوالها في رمضان الماضي ، ثم عرض عليها أخوها الحج فلم توافق وحصل لها شيء من التردد ، لأنها إذا قامت يحصل لها تعب أو إعياء أو دوار ، ولا تستطيع أن تنهض واقفة واستبعدت الحج ، ولما أصر عليها وافقت ، حج بها أخوها فيقول : قد حججت كثيرا مع الشباب وجربت عدة رحلات وسفرات مع الشباب لكن يقول : والله ما رأيت أسهل من هذه الحجة مع هذه المرأة المريضة ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم " ، يقول هذا الأخ : وقد يسر الله عز وجل لنا أشخاصا لخدمتنا بدون سبب ، سواء في الرمي أو في الممرات أو في النزول من درج الجمرات ، ويقول أخوها : كان بعض عمال النظافة حول الجمرات قد وضعوا حبالا لتنظيف ما حول الجمرات ، يقول لما قدمنا لرمي الجمرة لم نستطع أن نقرب فنادانا أحد العساكر فقال : أدخلوا من تحت هذا الحبل ، بدون أي سبب ، وحصل لهم هذا الأمر في الدور الثاني في اليوم الثاني …
ولما أرادوا النزول ناداهم أحد العساكر ، بدون أي سبب ، ولا يظهر على المرأة أي علامة من علامات التعب أو المرض ، يقول أخوها وكل المناسك قد يسرت لنا ، وكانت هذه المرأة تهتم بالدعوة ، فقلما تذهب إلى مجلس إلا وتذكر بالله عز وجل ، أو تدعوا إلى الله تعالى ، أو تعلم أو تخرج كتابا من شنطتها وتقرأ أو تأمر إحدى النساء بالقراءة وهي التي تشرح ، قد كفلت يتيما على حسابها ، ولا تذهب إلى قصور الأفراح ، وهي قليلة الاختلاط بالنساء ، إن اجتمعت مع النساء لا تحضر إلا للعلم أو الدعوة إلى الله عز وجل ، وليس عندها ذهب فقد باعته كله قبل مرضها ، كانت تركز على البرامج الدعوية ، وما زال الكلام لأخيها ، وهي تركز على الخادمات بالأخص ، وتعلمهن وتعطيهن بعض السور للحفظ ، كانت منذ فترة طويلة تتواصل مع أخيها على قيام الليل ، فالذي يقوم الأول هو الذي يتصل على الآخر قبل الفجر بنصف ساعة ، ثم بدأت أمهم حفظها الله وصبرها وثبتها معهم ، مع هذه المرأة المريضة وأخيها البار …
ثم بدأت هذه المرأة تتواصى مع نساء الجيران ، وفي شدة مرضها في سكرات الموت ، لما كانت في المستشفى قبل وفاتها وفي أثناء المرض ما تذمرت ولا تأففت ولا جزعت ، بل كانت صابرة محتسبة ، يقول أخوها : أشد ما سمعت منها من الكلمات قالت : يا رب فرج عني ، وكانت في أثناء السكرات يقرأ عليها أحد الدعاة ، فماتت وهو يقرأ عليها رحمها الله ، أما بالنسبة للتغسيل : لما أحضرت لمغسلة الأموات يقول أخوها : قد أصر الصغار و الكبار حتى الأطفال من العائلة يلاحظون التغسيل ، فحضروا جميعا في مغسلة الأموات وصلوا عليها ، أما أخوها الذي كان يلازمها فقال : لقد رأيتها لما أخرجت من الثلاجة قد تغير الشحوب الذي كان فيها والتعب انقلب إلى نور و بياض …
وكانت هذه المرأة الصابرة المحتسبة رحمها الله رأت رؤيا قبل وفاتها بشهر ونصف ، كأنها جاءت لدار تريد أن تدخلها ، فسمعت رجال يقولون عند الدار ليس هذا بيتك اذهبي إلى بيت آخر ، ثم رأت قصرا أعلى من الأول وله درج رفيع أو سلالم رفيعة ، فلما أرادت أن تصعد ناداها رجلان من أعلى القصر ، وهذا كله في الرؤيا ، وهي التي قصت الرؤيا على من حولها ، وكان في أعلى القصر رجلان عرضا عليها المساعدة لتصعد الدرج ، فتحملت وتصبرت ثم صعدت بنفسها بعد تعب ، تقول : لما صعدت إلى القصر أحسست براحة وسعادة وسرور حتى وهي في المنام ، ثم قالت لمن حولها : لا تفسروا هذه الرؤيا ، فأنا إن شاء الله عز وجل أستبشر بخير . فرحمة الله عليها ، وجمعها وأهلها في الفردوس الأعلى .
يالله اتمنى اكون زييها داعية لله
التصنيفات