خرج الصبي الصغير متوجها إلى بغداد؛ ليدرس العلم النافع، ودعته أمه،

ودعت الله أن يحفظه، وأن يرده إليها سالما عالما إن شاء الله.

وأعطت الأم ابنها أربعين دينار لينفق منها على رحلته، وقبل الرحيل

قالت الأم لابنها: عاهدني يا ولدي ألا تكذب أبدا مهما كان الأمر، فعاهدها.

وخرج الصبي مع القافلة، وبينما هم سائرون هاجمتهم عصابة من

اللصوص، وأخذت كل ما في القافلة من أموال وبضاعة وأمتعة وطعام وشراب.

ونظر أحد أفراد العصابة إلى الغلام الصغير، وسأله: هل معك مال؟

فقال الصبي: معي أربعون دينار، فضحك اللص وظن أن الصبي يمزح،

فأخذه إلى كبير اللصوص ليضحكوا عليه بعض الوقت.

ولكن كبير اللصوص فوجئ بالصبي يخرج الدنانير، فقال له: ما حملك

على الصدق؟

فقال الصبي: عاهدتني أمي على الصدق، وأخاف أن أخون عهدها.

فتأثر كبير اللصوص بكلام الغلام، وقال: تضحي بمالك حتى لا تخلف

عهدك مع أمك وتخاف أن تخون عهدها، وأنا لا أخاف أن أخون عهد الله؟

ثم أمر اللصوص أن يردوا ما أخذوه من القافلة، وقال للصبي: إني تائب

على يديك، فقال باقي اللصوص لكبيرهم: لقد كنت كبيرنا في قطع

الطريق وأنت اليوم كبيرنا في التوبة.

وتابوا جميعا…